التصالح مع الذات " الطفولة "
بقلم : فاطمة العامري
العين - الامارات
2015-5-8
2015-5-8
إن الالتفات إلى الماضي .. وأخذ الصور الإيجابية .. الحسية والذهنية .. ماهي إلا تغذية جميلة في إدارة المشاعر والذات .
وأجد الماضي عجلة لدفع إنجازاتي إلى الأفضل .. وكما أجدها لدى الكثيرين .. الذين اتخذوا الماضي عبرة وخبرة في إدارة الوقت الحالي والمستقبل .
لم أتفكر في الماضي إلا لأنني قررت أن أتصالح مع ذاتي " الطفولة " .. فالأشخاص الذين يتصالحون مع ذواتهم يصلون إلى أهدافهم بسهولة ..
ملف طفولتي .. تكمن فيه شخصيتي والتي أجدها نشيطة وحيوية كباقي الأطفال .. لم أكن أتميز عن إخوتي في شيء سوى أنني كنت متجددة الأفكار والنشاط .. كثيرة الخيال .. تهمني جداً علبة الألوان .
كنت كثيرة الضحك والابتسامة .. أعشق الحضن والتقرب من والدتي ووالدي .. كنت أبتكر كل يوم لعبة جديدة لأسعد بها إخوتي .. وكنت محظوظة بينهم بهذه الميزة .
كنت أدرك بمشاعري عالمًا آخرًا يختلف عنهم .. كنت أحدثهم كثيرا عن القمر وعن النجوم .. وعن الشمس والسحب في جو النهار .. كان الخيال هو عالمي الذي لا يعلمه الكثيرون .. كنت ماهرة في نقل الواقع بطريقة خيالية كأنها لوحة فنية .. كانت تميزني عاطفتي عنهم في أمور كثيرة .. فقد كنت أعطي الأشياء قيمة أكبر من حجمها ..
انطلاقي بهذه الميزة سببت متاعبًا لوالدتي .. فكنت أحتاج إليها بين كل حين .. كانت عاطفتي تغلبني كثيرا .. إذا ما سعدت كانت تغمرني السعادة بشدة .. وإذا ما حزنت كنت أحزن بعمق .. كنت أستغل تدليل من حولي لكوني الطفلة الأولى في العائلة .. وبابتعادهم كنت أبتعد عن ذاتي .. كنت أرى الصورة كاملة وأعيش تفاصيلها .. وأصف شعوري باليوم الواحد ألف مرة .. و أرددها أياماً .. كان البعض يسخر مني .. ويستغرب البعض الآخر .
بعدها أحببت لمس الأشياء بيدي .. كنت أتعرف إليها من خلال لمسها والإحساس بها .. كانت الجدران هي المقربة لي .. فكنت أتتبع زخارفها وأتحسس جمالها .. تسللت إلى ركن الانطوائية تدريجيا .. ومن جهة كان يشدني حب الآخرين والعطاء .. فكنت أعشق تلك الاجتماعية وكانت تغمرني الابتسامة .. فانسجمت ما بين العقل والقلب والعطاء .
إن تقدير الآخرين والإحساس بمشاعرهم .. وتجنب جرحها .. أمر عظيم .. والأعظم أن تتعلم أيضاً متى تحب نفسك .. وترفع عنها سوط تأنيب الضمير .. لتبقى شامخة ومنتجة بكل الأزمان .. فمن لا يقدر نفسه .. لن يقدره أحد ..
عند زيارتي لطبيب الأعصاب .. تنبهت لنقطة مهمة وهي أن بداية تصلب الأعصاب كانت من مرحلة قديمة وقد تكون طفولة مبكرة .. قمت بعدها بعمل بحث على مواقع تحليل الشخصية فأدركت بأني من النمط " الحسي " الحركي " والذي يعطي الأمور قيمة أكبر من حجمها .. ويستنزف أحاسيسه ليتعايشها .. عرفت يقيناً بأني لن أنمو إلا بالمشاعر الإيجابية .. فاتخدتُ الأفكار الإيجابية زادي .. كما أني صادقت العقل ليعفي القلب عن بعض الأمور .. وتصالحت مع طفولتي .. لأكمل ما تبقى من مشوار حياتي المستقلة .. باتجاه القمة .